الأردن…إحياء الذكرى الخامسة والخمسون لمعركة الكرامة الخالدة
سيمون موريس – القاهرة/ مصر
يحيي الأردنيون اليوم الثلاثاء21 آذار الذكرى الخامسة والخمسون لمعركة الكرامة الخالدة، التي حقق فيها الجيش العربي المصطفوي بقيادة الملك الراحل الحسين بن طلال نصرا عربيا مؤازرا سيظل علامة فارقة في التاريخ العربي الحديث، لانتصاره على العدو الصهيوني.
تعد معركة الكرامة أول انتصار عربي على آلة الحرب الإسرائيلية بعد هزيمة 1967 التي سميت” النكسة”، وانتهت باحتلال إسرائيل أراضي من ثلاث دول عربية وهي الأردن ومصر وسوريا، وقد تمكن الجيش الأردني وسكان قرية الكرامة من صد هجوم شرس شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قرية الكرامة بالأردن، بهدف التوغل في أراضي المملكة.
دارت المعركة بين الجيش الأردني والإسرائيلي بداية من الساعة الخامسة والنصف صباح يوم الخميس 21آذار 1968، وذلك بعد محاولة القوات الإسرائيلية عبور الأراضي الأردنية، حيث شنت هجوما مفاجئا بقوة عسكرية مدعمة بسلاحي الجو والمدفعية، بغرض تدمير الجيش العربي الأردني واحتلال المرتفعات الغربية للأردن، وتحطيم الروح المعنوية العالية في نفوس أبناء القوات المسلحة الأردنية والشعب الأردني، والعمل على تدمير الاقتصاد الزراعي في وادي الأردن .
جاء الهجوم الإسرائيلي على الأردن من أربعة محاور وهي: المثلث المصري على طريق جسر الأمير محمد (جسر دامية)، مثلث الشونة الجنوبية- السلطة على طريق جسر الملك الحسين- مثلث عمان- الشونة على طريق جسر الأمير عبد الله- غور الصافي باتجاه طريق الكرك، وتصدت القوات المسلحة الأردنية لهذا الهجوم لتقدم أروع البطولات في الدفاع عن حمى الوطن.
حيث ظل الجيش الأردني صامداً أمام الجيش الإسرائيلي في معركة دامية لمدة خمس عشرة ساعة، ليطالب الجيش الإسرائيلي لأول مرة بوقف إطلاق النار، إلا أن جلالة الملك الحسين رفض وقف إطلاق النار ما دام هناك جندي إسرائيلي واحد شرق نهر الأردن، وهكذا أُجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب من الأراضي الأردنية.
وأثناء المعركة، وجه جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال رسالة إلى إخوانه ملوك الدول العربية ورؤسائهم قائلا: “لقد كان من المتوقع أن يقوم العدو بعملياته العدوانية هذه على بلدنا الذي يعتز بأنه يكتب الصفحة تلو الصفحة في سجل الشرف والخلود، و يصوغ كل ذلك بالدماء و الزكية التى يبذلها جيشه الأبي وشعبه الأمين، وهو البلد الذي يقف درعاً يحمي أمة العرب ويحفظ أملهم في استعادة حقهم سواء منهم من بقي خلفه، أو بات ينتظر ساعة الخلاص حيث يعيش على الأمل أرضنا المحتلة”.
أسفرت هذه المعركة بخسارة الجيش الإسرائيلي و انسحابه من الأراضي الأردنية بعد أن فقد نحو 250 جندياً، ، إضافة إلى أربعمائة وخمسين جريحاً، وتدمير عدد كبير من آلياته و معداته، في سبيل ذلك قدم الجيش العربي الأردني 86 شهيداً ، وإصابة 108 جندياً.
أبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي الأردني، كما أبرزت أهمية الاستخبارات، إذا لم ينجح الإسرائيليون في تحقيق عنصر المفاجأة نظرا لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية التي كانت تراقب الموقف عن كثب.
في هذا السياق تلقى جلالة الملك عبد الله الثاني ، و ولي العهد الأمير الحسين برقيات من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين بالذكرى الخامسة والخمسين لمعركة الكرامة، مؤكدين وقوفهم بجانب جلالة الملك في الدفاع عن الوطن والقضايا العربية، في مقدمتها القضية الفلسطينية، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ورعايتها من منطلق الوصاية الهاشمية عليها.
وقد رعى جلالة الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة بحضور سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الاحتفال بالذكرى ال55 لمعركة الكرامة الخالدة ، حيث أقيم الاحتفال في موقع الصرح التذكاري لشهداء معركة الكرامة الذي أُعد لمحاكاة سيرة البطولة والتضحية لأبناء الجيش العربي المصطفوي، وإبراز عقيدتهم الراسخة في الدفاع عن الوطن والأمة.
أطلقت المدفعية 21طلقة فور وصول جلالة الملك تحية له، وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي في استقبال جلالته، وحضر الحفل عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وقام جلالته بوضع إكليلا من الزهور على الصرح التذكاري لشهداء المعركة، ودعا مفتي لشهداء الجيش العربي بالمغفرة والرحمة، وأن يحل عليهم الله الرضا وعظيم الأجر والإحسان مع النبيين والصديقين والصالحين.
أعرب جلالة الملك عبد الله الثاني عن فخره واعتزازه بالجيش العربي الأردني عبر حسابه على تويتر قائلا: “يقف الأردن شامخا بهامات شعبه وجيشه العربي المصطفوي، مدافعا عن حدوده وسيادته، وسيظل يوم الكرامة خالدا مجيدا في ذاكرتنا الوطنية وصفحة مشرفة في تاريخنا العربي، رحم الله شهدائنا. حفظ الله الأردن”.
كما نشر رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، الدكتور بشر الخصاونة، عبر حسابه على تويتر معبراً عن فخره بالنصر المبين الذي سطره الجيش العربي على الحقد والعدوان، داعياً لهم بالرحمة والخلود، مؤكداً على وقوفه بجانب جلالة الملك عبد الله الثاني و ولي عهده الأمير الحسين بثبات وعزيمة واعتزازا.
استكمالا لمظاهر الاحتفال وتذكار معركة الكرامة، عرض مركز التوثيق الملكية الأردنية الهاشمي، وثيقة بمناسبة ذكرى معركة الكرامة، تضمنت خبر نُشر في افتتاحية جريدة الدفاع الصادرة يوم الجمعة22آذار 1968.
جاء الخبر تحت عنوان معارك ضارية بالسلاح الأبيض، متحدثا عن أعنف قتال جرى منذ حزيران على جبهة طولها 50 ميلا، وأعداد القتلى والجرحى من الجيش الإسرائيلي الذي بلغ مئتي قتيلا، وإسقاط الجيش الأردني خمسة طائرات إسرائيلية، إضافة إلى 45 دبابة و25 عربة مجنزرة و27 آلية مختلفة أخرى.