أحمد مباني – تيزي وزو / الجزائر.
يخبرنا الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحث الأثري والنشر العلمي بمنطقة آثار جنوب سيناء، وزارة السياحة والآثار، أن العدس كان من المواد الغذائية الأساسية في مصر القديمة، بنص القرآن الكريم في سورة البقرة آية 61.
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}،
و يعتبر العدس من الأطعمة الأساسية في مصر القديمة وما يزال الأحفاد على درب الأجداد فى الإقبال على تناوله خاصة في فصل الشتاء من أجل الوقاية من نزلات البرد وتدفئة الجسم بالإضافة إلى دخول العدس “أبو جبة” فى عمل طبق الكشرى الذي يعتبر من الأكلات الأساسية في المطبخ المصري.
وأضاف الدكتور ريحان أن العدس يعرف باسم “عرشا” و”عرشانا” في القبطية “أرش” و”أرشان” و هناك نقوش على العدس الموجودة في المعابد في مصر تعود إلي حقبة الأسرة التاسعة عشرة.
يقول لوليم نظير في كتابه “الثروة النباتية لقدماء المصريين, العدس معروف منذ أيام بناة الأهرام، وكان من أهم الأطعمة كغذاء للعمال والفنيين وغيرهم، بناة الأهرامات، كما اعتاد الملوك أن يقدموا للعمال مجتمعة، وجبة من العدس والبصل والثوم والتمر وهي مزيج إفطار يومي، تشتهر مصر بنوعين من العدس، العدس المائل الدائري والعدس العادي.
قصة العدس.
من جانبها أشارت الباحثة ميرنا محمد والمرشدة السياحية إلى أن شهرة العدس كانت منتشرة في مصر، مذكورة في كتاب التكوين وفي قصة عيسو وأخيه يعقوب، عندما باع عيسو حقه في البركة الأبوية بصفته الابن البكر مقابل طبق من حساء العدس الأحمر طُهي له بعد عودته من رحلة الصيد.
ولقد عرف المصريون طريقة طهي العدس، ففي منطقة دراع أبو النجا بالأقصر، اكتشف الأثري ماسبيرو طبق عدس مطبوخ بقشر، وهو عدس أبو جبة ومختلطًا بالقمح والشعير، كما عثر على أواني كان يتم إعداد العدس بها ومحفوظة بالمتحف الزراعي بالقاهرة…
وأشارت ميرنا محمد إلى أن العدس المصري كان يصدر للخارج في العصر الروماني ولا يزال يزرع في صعيد مصر اليوم، كما أتقن المصريون استخدامه لطهي وجبات متنوعة، وتشتهر محافظة قنا بالعدس.
يعتبر نصف شهر نوفمبر موعداً مثالياً لزراعة العدس في محافظات الصعيد. انتشر العدس من مصر والشام إلى العديد من الدول العربية والأجنبية ويحبه الكثير من الناس بسبب الألياف الغذائية والبروتينات التي يمكن أن تعالج العديد من الأمراض.
كانت زراعة العدس شائعة أيضًا في العالم القديم في عصور ما قبل التاريخ و كان السامريون يزرعون العدس في بلاد ما بين النهرين، مثل الحبوب الأخرى، ووجدوا ألواحًا مسمارية تصف كيفية طهيها، كما عُرف العدس في الأماكن المقدسة منذ العصور القديمة، حيث يتم توزيعه على دور الجنائز.