صفحة جديدة في كتاب الانقلابات بأفريقيا، يكتبها مجددا ضباط غاضبون في النيجر، بإسقاطهم للرئيس ذي الأصول العربية محمد بازوم، رغم ما تعانيه من علّات داخلية وفقر يطال أقل بقليل من نصف سكانها، وفق تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعام 2021/2022.
وخلال السنتين الماضيتين كانت النيجر ميدانا لإرادات دولية متصارعة، بين محوري الغرب الذي تمثله فرنسا بشكل خاص والولايات المتحدة، ومحاور أخرى من بينها دول ساعية لزيادة نفوذها في أفريقيا، وظهور الأعلام الروسية شيئاً في صفوف مؤيدي الانقلاب، التي وصف زعيمها يفغيني بريغوجين ما جرى في النيجر بأنه “كفاح ضد المستعمرين”.
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الروسية إن محاولات اتهام روسيا بالتدخل في الوضع بالنيجر لا أساس لها، وإنه لا بد من تسوية الوضع في أسرع وقت ممكن.
وبدأت تظهر معالم الخوف على فرنسا حتى لا تكون النيجر الدولة التالية التي تخسرها لصالح روسيا في غرب أفريقيا، فيما تعد النيجر، المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في المنطقة، التي لا تزال تحت سيطرة فرنسا، ضرورية لمحطات الطاقة النووية التي توفر 70 في المائة من الكهرباء لفرنسا.
وكانت فرنسا تسعى بالتعاون من باوزم منذ توليه سلطة البلاد إلى خلق استراتجية جديدة في منطقة الساحل غرب أفريقيا، تكون قاعدتها النيجر، لتتصدى للأرهاب ومواجهة النفوذ الروسي.
وما زالت ردود الفعل الدولية تتوالى بشأن انقلاب النيجر، وفي أحدث التحركات الدولية ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي بالانقلاب وطالب المجلس، القادة العسكريين في النيجر بالعودة إلى ثكناتهم خلال 15 يوما.
و دعا مجلس الأمن الدولي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن رئيس النيجر محمد بازوم. وأكد مجلس الأمن دعمه لموقف مجموعة الإيكواس، الإفريقية، لمواجهة التغييرات غير الدستورية في النيجر بحسب بيان المجلس.
أما وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا بدوره إلى الإفراج الفوري عن الرئيس، وخلال اتصال هاتفي مع رئيس النيجر أكد بلينكن دعم واشنطن الثابت له، متعهدا بالعمل على ضمان العودة الكاملة للنظام الدستوري والحكم الديموقراطي في البلاد.
وفي باريس أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيرأس اليوم اجتماعا دفاعيا بشأن الانقلاب العسكري في النيجر.
وكان الرئيس الفرنسي قد ندد بالانقلاب، وقال إنه سيكون له تأثيرٌ خطير للغاية خاصة على منطقة الساحل، داعيا إلى ضرورة الإفراج عن الرئيس محمد بازوم فورا.
من جانبه، أعلن الاتحاد الأوروبي بوقف كافة أشكال الدعم المالي للنيجر بسبب الانقلاب، كما أعلن أيضا تجميد كافة أشكان التعاون الأمني مع النيجر.