ليندة يعيش تمام-الجزائر العاصمة/الجزائر.
قبل حوالي 3800 عام،كان التجار في مدينة زاخيكو القديمة ينتظرون طفو العوارض الخشبية المقطوعة من الغابات على نهر دجلة في جبال شمال وشرق بلاد مابين النهرين والتي تعرف اليوم بالعراق والكويت وأجزاء من تركيا وإيران و سورية ،وكان التجار يحملون بضائعهم – المعادن- على الحمير أو الجمال، و لحماية أنفسهم و حمولتهم يسافرون على شكل قوافل جماعية، وبعد بيعها في خازيكو كان التجار يعبرون نهر دجلة قبل المتابعة إلى الخوم والأراضي الحدودية.
تأسست زاخيكو حوالي 1800 قبل الميلاد من قبل الإمبراطورية البابلية القديمة التي حكمت بلاد مابين النهرين ما بين القرنين 19 و 15 قبل الميلاد حيث استفادت حركة مرور القوافل و الطريق التجاري المزدهر في الشرق الأدنى ويقصد به حاليا (الشرق الأوسط و تركيا و مصر) ،وأصبحت منطقة إستراتيجية مهمة في المنطقة لنحو 600 عام قبل أن يضربها زلزال قوي ثم تندثر لاحقا،التي غمرته المياه كجزء من مشروع “سد الموصل” في العراق.
العراق أكثر بلدان عرضة لتغير المناخ، حيث شهدت موجة جفاف عام 2019 ، ومع انخفاض منسوب المياه ظهرت زاخيكو في وقت سابق من هذا العام في منطقة كردية في العراق ،ثم بدأ فريق من علماء الآثار في تنقيب في الموقع و قال “بيتر فالزنر ” من توبنغن بألمانيا، وهو عالم آثار يعمل في الموقع المعروف محليا باسم “كمونة ” للجزيرة “إنه مع أعمال التنقيب الأخيرة، أصبح السكان المحليون على دراية بزاخيكو ،ويتعمق الناس أكثر في معرفة تاريخهم وهم فخورون به” .
أحد معالم زاخيكو الرئيسية هو المخزن الذي يضم غرفا يصل عرضها إلى 6أمتار 20 قدما و 8 أمتار 26 قدما، ولطالما عرفت بلاد ما بين النهرين بأنها أقدم منطقة تم فيها زرع لأول مرة منذ حوالي 10آلاف عاما، و تعد اللغة الأكثر إنتشارا آنذاك” الآكدية ” مشتركة في الشرق الأدنى القديم خلال أواخر العصر البرونزي، أي الفترة التي امتدت من 3300 قبل الميلاد إلى 1200قبل الميلاد.
في حوالي 1500 ق.م سقطت سقطت مدينة زاخيكو البابلية القديمة مع امبراطوريتها عندما غزا الحوثيون بلاد ما بين النهرين و الأناضول ،ثم بسطت حضارة الحيثيين (1600-1178 قبل.م) و بعد انتهاء العصر البرونزي المتأخر انقسمت لدويلات مستقلة في الأراضي السورية، واستمر بعضها عدة قرون أخرى، حتى خضعت للامبراطورية الآشورية ثم استولت مملكة ميتاني (موطنها الأصلي شمال شرق سورية) على زاخيكو، والتي إمبراطورية ميتاني (قرابة 1500 إلى 1300 ق. م) في شمال الهلال ،ولأنه لم يُعثر سوى على القليل من أطلال الإمبراطورية الميتانية بما في ذلك عاصمتها، فإن أعمال التنقيب الحالية توفر معرفة جديدة عن تلك الثقافة، يقول فالزنر”ترجع أهمية زاخيكو الكبيرة لكونها تفتح نافذة رائعة على شكل المدن الميتانية”.
وكانت نهاية مدينة زاخيكو الميتانية عندما ضربها زلزال في وقت ما بين 1400 قبل الميلاد و1300 قبل الميلاد، وفقا لفالزنر، مما أدى إلى انهيار الجدران حول السكان، وكان ناجون فقط نزحو منها وتخلو عنها حوالي 1300 قبل الميلاد، استقر الآشوريون الذين ينتمون إلى بلاد ما بين النهرين في نفس المدينة،
حوالي 1300 استقر الآشوريون الذين ينتمون إلى بلاد مابين النهرين في نفس المدينة و بعد عام 50 فقط تخلى عن زاخيكو من وصولهم 1270 ق.م 1250 ق.م ،و بنو عاصمتهم مردمان القديمة حاليا (باسيتكي) و يعتبر هذا الانتقال لظروف اقتصادية و إستراتيجية حسب قول فالزنر
و يشير الدكتور بيكس جمال الدين -وهو مدير الآثار في مديرية الآثار والتراث في دهوك، المتعاونة مع علماء الآثار- للجزيرة إن التنقيب يشير إلى أن هذه المنطقة كان لها تأثير قوي في إمبراطورية ميتاني. ومع ذلك، فهو يعترف بأن اكتشاف هذا التاريخ يأتي على حساب احتياجات المياه في البلاد.
و كما يقول” لا نأمل أن تنحسر المياه (في سد الموصل) مرة أخرى بسبب أهميتها لتلك المنطقة”، ويختم “و إذا حدث ذلك، فسنبدأ بالتأكيد عمليات التنقيب مرة أخرى، وستكون النتائج مفيدة لتاريخ المنطقة”.