غير مصنف
أخر الأخبار

قنبلة موقوتة عائمة على شواطئ البحر الأحمر تهدد البيئة البحرية

إقتصادية

زياد ثابت _ اليمن

تعتبر ناقلة صافر العائمة في سواحل البحر الأحمر، إحدى أضخم ناقلات النفط في العالم أصبحت كنقبلة موقوتة، تهدد السواحل اليمنية والدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر وقد تحول الى كارثة بيئية كبيرة.

كما هي ناقلة نفط عملاقة ومتهالكة معرضة للإنهيار أو الإنفجار في أي لحظة، إذا لم يبدأ العالم بالتحرك للعمل على تفادي هذه الكارثة ونزع فتيل القنبلة قبل فوات الأوان.

حيث ترسو الناقلة قبالة شواطئ اليمن في ساحل البحر الأحمر، على بعد 60 كيلو مترًا شمال ميناء الحديدة الحيوي المتمثل في إيصال الإمدادات والمساعدات لجزء كبير من سكّان اليمن.

موقف الأمم المتحدة أمام الكارثة

وفي إبريل الماضي من العام الجاري، كشف “ديفيد غريسلي” منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، عن خطة الأمم المتحدة للتصدي للكارثة التي تهدد خزان صافر، كما وصفها بأنها قابلة للتنفيذ بهدف مواجهة هذا التهديد، وقد حظيت بدعم الأطراف.

كما أشركت الأمم المتحدة ضمن خطة المبادرة – وبشكل حثيث – المليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء والتي تسيطر على محافظة الحديدة حيث تواجد الناقلة، حيث قامت بدعم المبادرة وبتوقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة في 5 آذار/مارس الماضي 2022.

كما أن الحكومة اليمنية في عدن قامت بدعم المبادرة والموافقة على تنفيذ الخطة المحددة بأقرب وقت تفاديًا للكارثة البحرية.

ووفقً لموقع “الأمم المتحدة”، أشار “ديفيد غريسلي”، المنسق المقيم – ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن للصحفيين، في مؤتمر صحفي من المقر الدائم بنيويورك، إلى أن الخطة التي أعدّتها الأمم المتحدة للتصدي للكارثة تتألف من مسارين:

  • الأول: تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للخزان العائم صافر خلال فترة مستهدفة تمتد لـ 18 شهرا.
  • الثاني: تنفيذ عملية طارئة لمدة أربعة أشهر من قبل شركة إنقاذ بحري عالمية من أجل القضاء على التهديد المباشر من نقل النفط من على متن ناقلة صافر إلى سفينة مؤقتة آمنة. وستبقى الناقلتان في مكانهما حتى يتم نقل النفط إلى الناقلة البديلة الدائمة وعندئذ سيتم سحب ناقلة صافر إلى البر ويتم بيعها لإعادة تدويرها.

وشددأ السيد غريسلي للصحفيين على “عمل فريقه بجد مع الآخرين خلال الأشهر الستة الماضية لنزع فتيل ما يُسمى حقا بقنبلة زمنية موقوتة قبالة ساحل البحر الأحمر في اليمن.”

وتابع محذرا، “إذا حدث انسكاب، فإن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لكارثة بيئية وإنسانية ضخمة وفي بلد دمرته بالفعل أكثر من سبع سنوات من الحرب”.

كما أعرب عن تفاؤله في نجاح الخطة والمنسقة من قبل الأمم المتحدة بين الطرفين المتنازعة في اليمن، للتصدي للتهديد الوشيك المتوقع حدوثه.

ناقلة صافر

شيدت ناقلة صافر عام 1976م من قبل شركة (هيتاشي زوسن) في اليابان بصفتها ناقلة النفط (إيسو جابون)، حيث تعمل الناقلة بواسطة توربين بخاري بسرعة خدمة تبلغ 15.5 عقدة (17.8 ميل/س).

وتحولت الناقلة إلى سفينة تخزين غير مدفوعة في عام 1987م، وأعيدت تسميتها بخزان (صافر)، حيث كانت راسية على بعد 7 كيلومتر (4.3 ميل) قبالة سواحل اليمن في عام 1988.

حيث كانت تحت ملكية الحكومة اليمنية عبر المؤسسة اليمنية العامة للنفط والغاز قبل إنقلاب المليشيات الحوثية، والتي استخدمتها لتخزين وتصدير النفط من حقول النفط الداخلية في مأرب.

كما تحذر الأمم المتحدة من أن “الناقلة تتحلل بسرعة وتحتوي على أربعة أضعاف كمية النفط المنسكبة من ناقلة “إكسون فالديز.”

وبعد إنقلاب الحوثيون على الحكومة اليمنية في مارس 2015، سيطرت المليشيات الحوثية على الناقلة، وأصبحت تحت الإهمال وعدم الصيانة الدورية ما أدى إلى تدهور حالتها الهيكلية بشكل كبير وعلى متنها 1.14 مليون برميل من النفط.

وتحولت إلى خطر كارثي يهدد البيئة البحرية والسواحل الإقليمية، ومن ذلك العام تم تعليق عملية الإنتاج والتفريغ والصيانة، وذلك بسبب الحرب والعراقيل التي تتخذها جماعة الحوثي بمنع الأمم المتحدة في التدخل السريع لإنقاذ السفينة العائمة والوصول إليها، بذريعة الحصار من قبل التحالف العربي.

كما أعرب غريسلي عن قلقه في المؤتمر أمام الصحفيين في حقيقة الإنفجار، “أشعر بقلق خاص من أشهر تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر، عندما يصبح التيار أكثر نشاطا وترتفع احتمالية الانسكاب في تلك الفترة”. وأشار إلى أن الفرصة متاحة الآن لتفادي الكارثة.

الأثر البيئي من تسرب النفط

يعتبر الشريط الساحلي في اليمن ذو أهمية بيئية إقتصادية كبيرة يدعم المجتمعات الساحلية والدول الواقعة على سواحل البحر الأحمر، ومن المتوقع تسرب كمية هائلة من النفط وتصبح كارثة إنسانية وبيئية تلقي بظلال وخيمة على التنوع البيولوجي.

وتؤثر على 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر، وعلى الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف، والشواطئ الرملية الطينية والثروة السمكية التي تعيل نصف مليون من صيادي السمك هناك، والآلاف من المجتمعات اليمنية الساحلية.

كما يؤثر ذلك أيضا على دول الجوار من بينها المملكة العربية السعودية وإريتريا وجيبوتي والصومال؛ وغيرها من المواني البحرية والبرية.

وذكر غريسلي خلال المؤتمر الصحفي “سوف يتم القضاء على مائتي ألف مصدر رزق على الفور، وستتعرض كافة العائلات للسموم التي تهدد الحياة”.

كما يؤدي حدوث التسريب إلى إغلاق ميناء الحديدة الإستراتيجي وميناء الصليف مؤقتًا، وهما الأهم في استيراد الغذاء والإمدادات المنقذة للحياة، لبلد يحتاج فيه 17 مليون شخص للمساعدات الغذائية، في ظل انعدم الأمن الغذائي لديهم.

حيث تقدر تكاليف التنظيف إلى 20 مليار دولار إمريكي، دون تكلفة الأضرار البيئية عبر البحر الأحمر، أو المليارات التي يمكن أن تضيع بسبب تعطّل الشحن عبر مضيق باب المندب وهو أيضا ممر إلى قناة السويس، حسب موقع الأمم المتحدة.

مسار خطة الإنقاذ

أكدَ غريسلي بأن الخطة الأممية “تحظى الخطة بدعم أطراف النزاع وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين”؛ كما أن “الإدارة العليا للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن داعمون لها لكننا لسنا هناك بعد.”

وردًا على أسئلة أحد الصحفيين، بشأن التوافق من القوى المسيطرة على الخزان من حكومة العاصمة صنعاء إتجاه الخطة، بأن “هم الذين أرادوا التوقيع على مذكرة التفاهم، هم الذين يريدون حقا القيام بذلك، وجاءوا إليّ وطلبوا التوقيع. أعتقد أن لدينا فرصة متاحة وأنا متفائل، ولكن لن نعرف على وجه التحديد حتى الانتهاء من ذلك.”

كما شدد غريسلي إلى أنه سيتم المضي قدما في مساري الخطة التشغيلية في آن واحد، وجمع الأموال لكليهما يُعدّ أمرا بالغ الأهمية لتقديم حل مستدام للتهديد.

وقال غريسلي إن “الأمم المتحدة حددت تكلفة عملية الطوارئ عند 80 مليون دولار أميركي، وهذا يشمل عملية الإنقاذ واستئجار ناقلة نفط كبيرة جدا للاحتفاظ بالنفط والطاقم والصيانة لمدة 18 شهرا”.

وأضاف أنه سيقود بعثة إلى عواصم الدول المانحة في الخليج لمناقشة الخطة وطلب الدعم، والعواصم هي الرياض وأبو ظبي والدوحة والكويت.

المناحين للخطة التفيذية

تعد مملكة هولندا من أصحاب المصلحة الأساسية في دعم جهود الأمم المتحدة، وهي اول من ستستضيف إجتماعا مع دول الأعضاء والجهات المانحة للخطة التشغيلية لعملية الإنقاذ.

وأوضح غريسلي “إن نجاح الخطة يتوقف على الالتزامات المادية السريعة للمانحين لبدء العمل في بداية شهر حزيران/يونيو”، محذرً من عملية التأخير والانتظار في بدء المشروع لعدة أشهر، تاركً القنبلة موقوتة.

وأكد أن هذا هو السبب في “أنني أذكر العالم بالتهديد الوشيك الذي يمثله خزان صافر، مع تسليط الضوء على الخطة القابلة للتنفيذ التي تنسقها الأمم المتحدة لمعالجتها، والتأكيد على أننا لن ننجح بدون تمويل عاجل”.

كما ستنفذ الخطة من قبل فريق من خبراء المهنيين الممول من مملكة هولندا، ممثلا بقيادة المبعوث الخاص والمنسق المقيم – منسق الشؤون الإنسانية لليمن، وستقوم الأمم المتحدة عبر برنامجها الإنمائي في تسهيل وترتيب بيئة مواتية شاملة لعملية الإنقاذ، وشراء خدمات القطاع الخاص، والناقلة العملاقة لتفريغ النفط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى