حمادة الحروب _ إدلب/ سوريا
ما هو مرض الكوليرا ؟ ( منظمة الصحة العالمية )
الكوليرا مرض إسهال حاد يمكن أن يقتل في غضون ساعات إذا لم يُعالج، والكوليرا عدوى حادة تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا. ولا تزال الكوليرا تشكل تهديداً عالمياً للصحة العامة ومؤشراً على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية .
الأعراض
الكوليرا مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، وهو يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة2. وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.
ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تُطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصاً آخرين.
ومعظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.
تاريخ الكوليرا انتشرت الكوليرا خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند. واندلعت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع القارات. أما الجائحة الحالية (السابعة) فقد اندلعت بجنوب آسيا في عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا في عام 1971 ثم إلى الأمريكيتين في عام 1991. وتتوطن الكوليرا الآن العديد من البلدان
وبائيات المرض وعوامل خطره وعبؤه
يمكن أن تكون الكوليرا مرضاً متوطناً أو وباءً. والمنطقة الموطونة بها هي عبارة عن منطقة يُكشف فيها عن حالات مؤكدة للإصابة بالكوليرا خلال فترة 3 سنوات بالاقتران مع وجود بيّنات تثبت انتقال المرض فيها على الصعيد المحلي (ما يعني أن الحالات لا تفِدُ إليها من مكان آخر). ويمكن أن تندلع فاشيات/ أوبئة الكوليرا في كل من البلدان الموطونة بها وفي تلك التي لا تظهر فيها الكوليرا بانتظام.
وفيما يخص البلدان الموطونة بالكوليرا، فيمكن أن تندلع فيها فاشيات موسمية أو متفرقة، وتتسبب في حالات تفوق أعدادها التوقعات. أمّا في البلدان التي لا تظهر فيها الكوليرا بانتظام، فإن فاشيتها تُعرّف على أنها وقوع حالة مؤكدة واحدة على الأقل للإصابة بالكوليرا بحيث تكون مسندة ببيّنات تثبت انتقال المرض على الصعيد المحلي في منطقة لا تنتشر فيها الكوليرا عادةً.
ويرتبط انتقال الكوليرا ارتباطاً وثيقاً بقصور سبل إتاحة المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي. وتشمل المناطق المعرضة للخطر تقليدياً الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية، وكذلك مخيمات المشردين داخلياً أو اللاجئين.
ويمكن أن تسفر العواقب المترتبة على وقوع أية كارثة إنسانية – مثل تعطل شبكات المياه ومرافق الصرف الصحي أو نزوح السكان إلى مخيمات غير ملائمة ومكتظة – عن زيادة خطورة انتقال الكوليرا إذا كانت بكتريا المرض موجودة فيها أو إذا وفدت إليها من مكان ما. ولم يسبق الإبلاغ قط عن أن الجثث غير المصابة بعدوى المرض قد شكلت مصدراً لانتشار الأوبئة.
واستمر عدد حالات الكوليرا التي يجري إبلاغ المنظمة بها في الارتفاع خلال السنوات القلائل الماضية، حيث أخطر 24 بلداً خلال عام 2020 بنحو 369 323 حالة و857 وفاة. ويُردّ التباين في تلك الأرقام والتقديرات المتعلقة بعبء المرض إلى عدم تسجيل العديد من الحالات بسبب قصور نظم الترصد والخوف من تأثيرها على أنشطة التجارة والسياحة
الوقاية والمكافحة
يعد اتباع نهج متعدد الأوجه عاملاً أساسياً في مكافحة الكوليرا والحد من الوفيات الناجمة عنها، وهو ينطوي على استخدام توليفة من أنشطة الترصد وتوفير إمدادات المياه والصرف الصحي وشروط النظافة الصحية والتعبئة الاجتماعية والعلاج ولقاحات الكوليرا الفموية.
التدخلات الخاصة بإمدادات المياه ومرافق الصرف الصحي
يكمن الحل الطويل الأجل لمكافحة الكوليرا في تحقيق التنمية الاقتصادية وحصول الجميع على مياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي الملائمة. وتشمل الإجراءات التي تستهدف تحسين الظروف البيئية تنفيذ حلول مستدامة مكيفة وطويلة الأجل لتوفير إمدادات المياه والصرف الصحي وشروط النظافة الصحية المستدامة لضمان استعمال المياه المأمونة والمرافق الصحية الأساسية واتباع ممارسات النظافة الصحية الجيدة في بؤر انتشار الكوليرا. وإضافة إلى الوقاية من الكوليرا، فإن هذه التدخلات تؤمن الوقاية من طائفة واسعة من الاعتلالات الأخرى المنقولة بواسطة المياه، فضلاً عن إسهامها في تحقيق الأهداف المتعلقة بالفقر وسوء التغذية والتعليم. وتتماشى الحلول المقدمة بواسطة توفير إمدادات المياه وخدمات الإصحاح والنظافة الصحية في مجال مكافحة الكوليرا مع تلك المقدمة في أهداف التنمية المستدامة
العلاج
الكوليرا مرض سهل علاجه، ويمكن أن ينجح علاج معظم المصابين به إذا تم الإسراع في إعطائهم محاليل الإمهاء الفموي. ويُذاب محتوى الكيس القياسي من محلول الإمهاء الفموي الذي توزّعه المنظمة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في لتر واحد من المياه النظيفة، وقد يحتاج المريض البالغ إلى كمية تصل إلى 6 لترات من هذا المحلول لعلاج الجفاف المعتدل في اليوم الأول من إصابته بالمرض.
أمّا المرضى الذين يعانون من جفاف شديد فهم معرضون لخطر الإصابة بالصدمة ويلزم الإسراع في حقنهم بالسوائل عن طريق الوريد. كما يُعطى هؤلاء المرضى المضادات الحيوية المناسبة لتقليل مدة الإسهال، والحد من كمية المأخوذ من سوائل الإماهة اللازمة، وتقصير مدة إفراز ضمات الكوليرا في البراز وفترة بقائها.
ولا يُوصى بإعطاء المضادات الحيوية بكميات كبيرة إذ ليس لها تأثير مُثبت على مكافحة انتشار الكوليرا، وقد تسهم في زيادة مقاومتها لمضادات الميكروبات.
ولا غنى عن إتاحة العلاج بسرعة أثناء اندلاع فاشيات الكوليرا. وينبغي إتاحة محاليل الإمهاء الفموي في صفوف المجتمعات المحلية، فضلاً عن إتاحة مراكز علاج أكبر قادرة على حقن المرضى بالسوائل عن طريق الوريد ورعايتهم على مدار الساعة. وينبغي أن يبقى معدل الإماتة في الحالات بنسبة أقل من 1% بفضل الإبكار في إعطاء العلاج المناسب.
ويعد الزنك علاجاً مساعداً هاماً للأطفال دون سن الخامسة، إذ يقلل أيضاً من مدة الإسهال لديهم وقد يمنع التعرض للنوبات في المستقبل من جراء أسباب أخرى للإصابة بإسهال مائي حاد، ينبغي أيضاً تشجيع الرضاعة الطبيعية.
لقاحات الكوليرا الفموية
يوجد حالياً 3 لقاحات فموية مضادة للكوليرا من اللقاحات التي اختبرت المنظمة صلاحيتها مسبقاً، وهي كالتالي: لقاح ديوكورال (Dukoral®) ولقاح شانتشول (Shanchol™) ولقاح يوفيتشول-بلس (Euvichol-Plus®)، علماً بأنه يلزم أخذ جرعتين من هذه اللقاحات الثلاثة جميعها من أجل توفير حماية كاملة4.
ويُعطى لقاح ديوكورال للبالغين مع محلول مخمّد تلزمه كمية قدرها 150 ملليلتر من المياه النظيفة. ويمكن إعطاؤه لجميع الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن عامين. ويجب أن تكون الفترة الفاصلة بين كل جرعة بمقدار 7 أيام كحد أدنى، على ألا تزيد عن 6 أسابيع. ويلزم إعطاء جرعة ثالثة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و5 أعوام. ويُعطى لقاح ديكورال للمسافرين أساساً، وتوفر جرعتان من اللقاح حماية ضد الكوليرا لمدة سنتين.
أما اللقاحان شانتشول ويوفيتشول-بلس فهما لقاحان متطابقان من حيث التركيب ومن إنتاج شركتين مختلفتين، ولا يحتاجان إلى محلول مخمّد لإعطائهما. وهما يُعطيان لجميع الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن عام واحد. ويجب أن تكون هناك فترة فاصلة قدرها أسبوعان كحد أدنى بين كل جرعة من هذين اللقاحين، اللذين توفر جرعتان منهما حماية ضد الكوليرا لمدة تصل إلى 3 أعوام، بينما لا توفر جرعة واحدة منهما إلا حماية قصيرة الأجل. ويُستعمل لقاح شانتشول المختبرة صلاحيته مسبقاً في سلسلة الإمداد ذات درجات الحرارة المضبوطة، وهو نهج مبتكر لإدارة اللقاحات يسمح بحفظ اللقاحات في درجات حرارة لا تندرج ضمن نطاق سلسلة التبريد التقليدية التي تتراوح درجة حرارتها بين درجتين اثنتين و8 درجات مئوية لفترة زمنية محدودة وفي ظل ظروف خاضعة للرصد والمراقبة.
(منظمة الصحة العالمية )