صرح باسكال بونيفاس، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، بإن “ما يحدث في سوريا سيؤثر على بقية العالم بأسره، لأننا نعيش في عالم معولم، وأي منطقة تشهد صراعات لن تظل تأثيراتها محصورة داخل حدودها، ومع ذلك، من المهم عدم الوقوع في خطأ الاعتقاد بأن سوريا كانت بلدا مستقرا في الماضي، بل على العكس، الدكتاتورية لا تؤدي إلى الاستقرار”.
وأضاف بونيفاس ضمن تصريح لوسائل إعلام مغربية ، على هامش الحوارات الأطلسية المنظمة بالعاصمة الرباط، أنه يمكن القول إن بشار الأسد أشعل فتيل الفوضى عندما اختار قمع الثورة الشعبية السلمية في بداياتها، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية جرّت البلاد والمنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار.
وأكد ذات المتحدث، الذي كانت له مداخلة خلال مؤتمر الحوارات الأطلسية أن “ظهور تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن ليحدث لولا قمع بشار الأسد، إلى جانب تداعيات الحرب في العراق عام 2003. أما الآن، فنحن في مرحلة لا يمكننا فيها سوى وضع سيناريوهات محتملة؛ إذ لا توجد يقينيات بشأن المستقبل”.
السيناريوهات المحتملة لما بعد الأسد
و أفصح بونيفاس على السيناريو الأسوء، وهو إعادة تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما يجعل الشعب السوري ينتقل من كارثة إلى أخرى، ومن دكتاتورية الأسد إلى دكتاتورية جديدة.
ومن جهة أخرى، أشار إلى السيناريو الأقل سوءا وذلك من خلال “أن يتعلم النظام الجديد من أخطاء تنظيم الدولة الإسلامية، الذي فقد دعمه الشعبي بسبب ممارساته ضد السكان المحليين والقوى الخارجية، هذا السيناريو يتطلب من النظام الجديد أن يتبنى سياسة أكثر شمولية، تجمع بين مختلف مكونات الشعب السوري، الذي يشكّل فسيفساء متنوعة مثل العديد من الدول الأخرى”.
وقال مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية أن الأمر من جهة ثانية، “يتطلب بناء علاقات طبيعية مع القوى الإقليمية والدولية، بعيدا عن السياسات العدائية التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية تجاه الدول العربية والغربية، وإذا كان الهدف الأساسي للنظام الجديد هو التنمية الوطنية والسلام الداخلي، فإن هذا يتطلب تضمين جميع الأطراف وبناء جسور الثقة بين مكونات المجتمع”.
التحول الديموقراطي في سوريا
وأكد الخبير الدولي على أنه “من الواضح أن سوريا لن تتحول إلى ديمقراطية على النمط الغربي في المستقبل القريب، ومع ذلك، هناك العديد من الدول التي تحافظ الدول الغربية على علاقات جيدة معها، رغم طبيعتها الاستبدادية. في هذه المرحلة، يجب أن تكون هناك توقعات واقعية”.
وشدّد بونيفاس على أنه “يتعين إقامة اتصالات مع القوى الموجودة على الأرض، لأنهم يمسكون بزمام السلطة، وعلى الرغم من أنه من المبكر للغاية الحديث عن خطوات ملموسة مثل إعادة فتح السفارات (مثل السفارة الفرنسية) أو إرسال رسائل رسمية، إلا أن التواصل غير الرسمي يجب أن يُستأنف إذا بدأت سوريا تعود إلى الاستقرار والسلام مع نفسها ومع العالم”.
وخلص الخبير الدولي بالقول إنه “إذا استطاعت سوريا أن تصبح دولة مستقرة تعيش بسلام داخليا ومع محيطها الدولي، فإن ذلك سيُحدث تأثيرات إيجابية واسعة النطاق على المنطقة والعالم”.