خلود رشاد – القاهرة/ مصر
تصدرت عناوين الصحف العالمية والمغربية منذ أمس انباء عن فرار الإمام المغربي ” حسن إيكويسين” الفار من السلطات الفرنسية عقب قرار ترحيله من الأراضي الفرنسية، تأويلات عدة بشأن مكان تواجده وأسباب فراره، بينما يقول ابنه إن والده “غادر فعلا فرنسا”.
هو حسن إيكويسن، (مواليد 2 يونيو 1964 ) ، يبلغ من العمر ٥٨ عاماً، ولد في فرنسا في دينين، من عائلة أمازيغية مغربية، أب لخمسة أطفال، ويقيم في منطقة لورش شمال فرنسا، ومحاضر وعضو في اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، يُعرف بأنه مُقرّب من تنظيم الإخوان المسلمين، وهو من مؤسسي حركة الشباب المسلمين في فرنسا، ويمتلك مهارة في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولديه قناته على “يوتيوب”، التي يتابعها 170 ألف شخص، وصفحته على “فيسبوك” التي تشمل 42 ألف مشترك. ويتمتع إكويسن بشخصية جذابة ساعدته في إقناع عشرات الآلاف من الشباب بمنهجه، سواء في العالم الافتراضي أو في العالم الحقيقي بين سكان الأحياء والضواحي.
وسبق للإمام ذي الأصول المغربية أن تعرض لشكوى قدمها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ضده، سنة 2004، إلى اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، بتهمة إلقاء خطب كراهية ضد اليهود، ونشر أفكار معادية للسامية.
وردَّ الإمام المغربي على جميع هذه الاتهامات؛ بنشره مقاطع فيديو في صفحته الفيسبوكية، اطَّلع عليها “كيوبوست”، يُظهر من خلالها أنه لا يحرض ضد العلمانية، وأنه ليس ضد مبادئ الجمهورية الفرنسية، من قبيل قوله في إحدى الندوات: “تحيا العلمانية إذا كانت تعني ممارسة كل شخص في فرنسا حريته الدينية، وإذا كانت الدولة تضمن العيش المشترك مع الحفاظ على خصوصيات الاختلاف”.
وتظهر قصة هذا الإمام الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهاته القوية للظهور مرة أخرى بعد قرار وزارة الداخلية الفرنسية طرده من البلاد بسبب الأفكار التي يروجها، بينما ظل يؤكد أن “منهجه معتدل ووسطي”.
وقد قرر الإمام المغربي، الذي رفض حمل الجنسية الفرنسية، الفرار من مكان إقامته في شمال فرنسا، وتشير أحاديث إلى أنه غادر فعلا فرنسا إلى بلجيكا، بعدما علم بأن السلطات الفرنسية قادمة إليه لتفعيل قرار الترحيل.
ونقلت قناة “بي إف إم” الفرنسية عن وكالة الأنباء الفرنسية أن قرار الطرد الذي أصدرته فرنسا، اعتبرته السلطات المغربية “أحادي الجانب”، حيث لم يتم التشاور معها بشأنه، وأن الرباط لم تعط موافقتها على استقباله.
وعلقت الحكومة المغربية لأول مرة على موضوع طرد الإمام المغربي؛ حسن إيكويسن،
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوة صحفية أعقبت اجتماع المجلس الحكومة اليوم الخميس، إن “المواضيع من هذا القبيل لا يتم الحديث عنها إعلاميا، وإنما تخضع للمناقشة في إطار الشراكات والإتفاقيات القنصلية التي تربط بين الدول”.
وأكد سفيان إيكويسين، ابن الإمام الهارب من السلطات، أن والده “لم يعد فعلا موجودا في فرنسا”، مبرزا الإمام الذي يبلغ من العمر 58 سنة، “كان يعيش في فرنسا بانتظام وفضل عدم حمل جنسيتها”.
وقال في تصريحات لصحيفة “لوباريزيان” إن والده، الذي تعرض في الآونة الأخيرة للانتقادات من اليمين المتطرف في فرنسا، سافر إلى الخارج، لكنه تحفظ عن ذكر وجهته الجديدة.
وأضاف قائلا أن والده “يتحدث لغات عدة، يتقن الفرنسية والإسبانية والمغربية والأمازيغية”.
وقد زعمت لوسي سيمون، محامية الإمام حسن، أنها “ليس لديها أخبار” من موكلها، وقالت إنها لا تعرف “مكان وجوده”، لكنها أشارت إلى أنه “غادر فرنسا”.
وأكد وزير الداخلية الفرنسي، اليوم الخميس، إن “باريس اتخذت إجراءات إدارية مهمة للغاية لمنعه (الإمام حسن) من العودة. وإذا كان سيعود، فسوف نعتقله باعتباره هاربا وسنضعه في معتقل إداري قبل ترحيله”.
وأضاف أنه سيقدم “معلومات” لنظيره البلجيكي حتى “لا يتمكن حسن من القدوم إلى فرنسا”، وأكد: “سيمنع من القدوم إلى فرنسا، فهذا أفضل بكثير”.
وعلى مستوى القانون الفرنسي، فإنه إذا كان الإمام حسن إيكويسين ذهب إلى بلجيكا، فلا يمكن وصفه بالمجرم؛ إذ إنه ليس متهما بارتكاب جريمة، وقرار مجلس الدولة بخروجه من البلاد قد تم الامتثال له.
واحتج كثيرون في عريضة وقعوها للدفاع عن إكويسن على قرار الطرد الذي أصدره وزير الداخلية الفرنسي دارمانان بحقه، معتبرين ما حدث “دليلا على وجود عقبات أكثر خطورة أمام سيادة القانون وتصنيف الجمهورية الفرنسية للأعداء الداخليين”.
واشار الموقعون، ومن بينهم الكاتب آلان غريش والمؤرخ جيل مانسرون والبروفسور جيلبير أشكار، إلى أن هذا الطرد يمثل تنفيذا على أرض الواقع للترسانة التشريعية العنصرية، وتحديدا تلك المعادية للإسلام التي تم التصويت عليها وإصدارها في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون تحت ما يسمى “قانون” الانفصالية.
ومن جهته، يرى هذا الإمام أن “الإسلام هو الحل للتصدي لما يشهده العالم من زعزعة”؛ إذ إن “العالم يديره أناس لا دين لهم ولا قانون، وما يحدث في العالم اليوم يعود لغياب الإسلام”، على حد تعبير روجير، الذي يضيف أن حسن إكويسن يصر في عشرات الخطب على أن “الشريعة يجب أن توجه سلوك المؤمنين في جميع جوانب حياتهم الخاصة والعامة”.