هاجر نصر ـ القاهرة / مصر
تكررت حوادث نبش القبور في عدد من مناطق المغرب، لأسباب تتعلق في أغلب الأحيان بطقوس الشعوذة وأعمال السحر، وأيضا بسبب تصرفات منحرفين أو مشردين ،يأوون إلى هذه المقابر .
وأحيانا أيضا جراء رغبة البعض في الانتقام من آخرين من خلال التمثيل بجثث الموتى أو لاستخراج الكنوز الدفينة.
وفي الضريح الخاص بالولي الصالح محمد المسناوي ،الذي يقع في في دائرة نفوذ التوامة التابعة لإقليم حوز مراكش ، قام مجموعة من اللصوص بالتعدي على حرمات الضريح و نبشه والتدمير فيه جزئيا .
حيث عند زيارة أحفاد محمد المسناوي للضريح تم إكتشاف اثار تذميره الجزئي من طرف لصوص حيث عملوا على نبش القبر و العبث بالضريح ، وبلغ أحفاد. الولي الصالح سيدي محمد المسناوي الدرك الملكي والسلطة المحلية عن هذه الحادثه .
حيث إن عدم اهتمام ومراعاة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسلطات المحلية للأضرحة التي تقع خارج المدار الحضاري ؛أدى إلى تنامي أعمال الحفر والتنقيب، والتي باتت تمارس في مجموعة من الأضرحة والأماكن الخالية، في مجموعة من الأرياف و في محيط بعض المقابر .
غالباً ما يقوم بأعمال الحفر فقهاء دجالون يمارسون النصب على ضحاياهم، بحجة وجود كنز قديم مدفون في مكان معين، وغالباً ما يكون الكنز المزعوم بجوار عقار في ملك الضحية، أو بجوار مقابر قديمة.
و نشطت في الآونة الاخيرة شبكات استخراج الكنوز عبر مختلف مناطق المغرب، منها من وقعت في قبضة رجال الأمن بعد ضبطها في حالة تلبس، فتم إحباط محاولتها و اقتياد أعضائها إلى مخافر الشرطة أو الدرك الملكي للتحقيق معهم قبل إحالتهم على القضاء، و في المقابل و من دون شك أن شبكات أخرى أفلح أعضاؤها في الوصول إلى كنوز ظلت في أعماق الأرض لعقود بل لقرون من الزمن.
يستأثر موضوع البحث عن الكنوز واستخراجها في المجتمع المغربي منذ عقود خلت بنوع من التضارب بين من يعتقد أن الخوض في هذا الموضوع لا يعدو أن يكون سوى نمطا من التفكير الميتافيزيقي٬ أو ضربا من”أحلام اليقظة”، وبين من لديه قناعة راسخة بأن استخراج الكنوز أمر ممكن٬ وأن حلم التطلع نحو تطليق البؤس ومعانقة الثراء٬ يمكن أن يتحول من وهم إلى حقيقة .
واحترف العديد من الشبان و الشيوخ حرفة التنقيب على الكنوز فصاروا يتيهون في الأرض أملا في استخراج كنز قد يجعلهم من الأغنياء، فكونوا شبكات متخصصة في هذا المجال المتشعب الخيوط و الذي يتسم بنوع من الحيطة و الحذر خاصة تجاه الغرباء أو ما يصطلح عليهم “أصحاب التقييدة”.
أن هذه الحرفة مفعمة بشتى صنوف النصب و الاحتيال، كما أنها لا تخلو من مخاطر قد تصيب المرء بأضرار جسدية و نفسية تصل حد الهلاك.
يعد استخراج الكنوز جريمة في نظر القانون ، فينص الفصل 45 من الظهير الشريف 1.80.341 انه لا يجوز لأي كان القيام دون رخصة بأعمال الحفر و البحث في الأرض و البحر قصد استكشاف مبان أو منقولات تكون فيها بالنسبة للمغرب فوائد تاريخية أو أثرية أو انتروبولوجية أو تهم العلوم التي تعنى بالماضي و العلوم الإنسانية بوجه عام.
وأكد الفصل 46 من ذات الظهير أنه إذا أنجزت خلال أعمال ما عملية حفر لم يقصد منها البحث عن آثار قديمة و اكتشفت على إثرها مبان أو نقود أو تحف فنية أو عاديات وجب على الشخص الذي أنجز أو عمل على إنجاز هذه العملية أن يخبر باكتشافه في الحال السلطة الجماعية المختصة التي تطلع الإدارة فورا على ذلك و تسلم إلى المعني بالأمر إيصالا بتصريحه مع الإشارة إلى أنه يمنع عليه أن يتلف بأي وجه من الوجوه أو ينقل المباني أو الأشياء المكتشفة ماعدا لأجل حفظها و إلا فإن عملية الحفر تعتبر خرقا لأحكام الفصل السابق.
أما الفصل 52 من هذا القانون فيعتبر عملية استخراج الكنوز جريمة يعاقب عليها بغرامة مالية من ألفين إلى 20 ألف درهم، و في حالة العود ترتفع قيمة الغرامة إلى الضعف، و قد تعادل الغرامة حسب الفصل 54 عشر مرات قيمة الشيء المرتكبة المخالفة بشأنه، و تكتسي هذه الغرامة صبغة تعويض مدني بمصادرة الشيء، و تكون المصادرة إجبارية في حال استكشافات غير مصرح بها و عمليات حفر غير مأذون لها.
و هكذا يتضح أن عملية الحفر من أجل استخراج الكنوز تعتبر جريمة لأنها تتم خلسة و دون توفر الشبكات التي تنشط في هذا المجال على رخصة بذلك…علما أنها باتت تستهوي الأغنياء قبل الفقراء.