أخبار دوليةتقاريرغير مصنفقوسtv
أخر الأخبار

السودان.. أسباب الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي

محمد حميدتي

سيمون موريس – القاهرة\مصر

كانت دولة السودان دائما مسرحا لشكل من أشكال الصراعات منذ استقلاله لنزاعات سياسية تارة، ودينية أو عرقية تارة أخرى، والقاسم المشترك بين تلك النزاعات أنها أدت إلى مقتل وتشريد ملايين السودانيين على مر العصور.

شهدت السودان مؤخرا حالة من الصراع والانقلاب في جميع أرجاء البلاد نتيجة لتجديد الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى حدوث اضطرابات أمنية و زعزعة الاستقرار وتوتر العلاقات بينها وبين البلاد المجاورة.

فما ماهي الأسباب وراء ما يحدث في السودان الآن؟

في عهد الرئيس السوداني عمر البشير عام 2003 اندلعت حرب أهلية في إقليم دارفور جنوب السودان بين مجموعات متمردة إقليمية وبين الحكومة السودانية ، وهو الأمر الذي كان من الصعب السيطرة عليه من قبل الجيوش النظامية.

ولكي تتصدى حكومة السودان لهذا التمرد شكلت قوة شعبية مسلحة  تحت قيادة محمد حميدتي، والذي ترقى إلى رتبة فريق أول بقرار من الرئيس السوداني عمر البشير، بالرغم من أنه لايمت للقيادة العسكرية بأي صلة.

وفي عام 2013 قررت الحكومة السودانية بضم القوات الشعبية للجيش النظامي وسميت “بقوات الدعم السريع” بقيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان.

وفي عام 2019 شنت مظاهرات أدت إلى عزل الرئيس السوداني بعد رفض محمد حميدتي التدخل لفض المظاهرات، وبعد عزل عمر البشير شُكل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد برئاسة “عبد الفتاح البرهان” قائد الجيش النظامي، وعُين حميدتي نائباً لرئيس المجلس.

وخلال الفترة الانتقالية تم تعين عبد الله حمدون رئيساً للوزارء، والذي عزل نتيجة حدوث انقلابات بقيادة عبد الفتاح البرهان، ولكنه استعاد منصبه بعد مرور شهر واحد نظرا لرفض القوة المدنية لهذا الانقلاب.

وبعد عدة أشهر تنحى عبدالله حمدون عن منصبه، ومن هنا سيطرت القوات العسكرية على الشؤن السياسية بالسودان، وذلك بالتوافق مع الجيش النظامي وقوات الدعم السريع.

ولكن سرعان ماتبدل هذا التوافق إلى خلافات كبرى، بعد إعلان حميدتي دعمه للعمليات السياسية الدولية والتي تهدف إلى تسليم السلطة للمدنيين، ومع بداية عام 2023 ازدادت تلك الخلافات بعد وضع شروط تنص على تقليل نفوذ قوات الدعم السريع وضمها للجيش النظامي، وإخضاع جميع ضباط قوات الدعم السريع لشروط الكلية الحربية، و وقف كافة التعاملات الخارجية التي تبنى على العمل السياسي، وهذا ما أثار قلق حميدتي عقب طورته في اتهامات دولية منذ وقوع أحداث دارفور، وبداية تشكيل قوات عسكرية مضادة من جانب الطرفين وتزايد الصراعات بينهم.

و صولاً ليوم 12إبريل 2023 حيث قامت قوات الدعم السريع بالتحرك لمنطقة مروي شمال السودان، و صرح حميدتي أن تلك التحركات تندرج تحت مهام و واجبات قوات الدعم السريع.

بدوره أوضح الجيش النظامي أن تلك التحركات تمت بدون موافقة القوات المسلحة، وبدأ تحويل تلك الخلافات إلى صراع مسلح بين قوتين داخل حدود دولة واحدة.

حيث اندلعت اشتباكات صباح السبت 15 إبريل في الخرطوم بين قوات الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، وأكدت قيادة قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على القصر الجمهوري وقالت في بيان نشرته عبر صفحتها على الفيسبوك، ” إزاء الهجوم الذي شنته قوة من القوات المسلحة صباح يوم السبت على قواتنا المتواجدة في أراضي المعسكرات بسوبا وبدأ هذا التعدي الذي تصدت له قوات الدعم السريع بكل بسالة وتضحية، فقد تم السيطرة الكاملة على المواقع التالية: القصر الجمهوري وبيت الضيافة والقبض على القوة المهاجمة والسيطرة على مطار الخرطوم ومروي والأبيض والسيطرة على عدد من المواقع بالولايات.

من جانبه نفى الناطق باسم الجيش العميد نبيل عبد الله، ما يتم تداوله بشأن سيطرة قوات الدعم السريع المتمردة على مطار مروي، ووصف ذلك بأنه” محض إشاعة و نوع من الحرب النفسية”.

 وكشفت نقابة أطباء السودان صباح يوم الإثنين 17 إبريل، أنه ما لا يقل عن 97 شخصا قتلوا و365 أصيبوا منذ اندلاع الاشتباكات في البلاد.

و أضافت أن عشرات الجنود قتلوا دون أن تذكر رقما محددا بسبب نقص المعلومات الواردة من المستشفيات.

ومن جهة أخرى قالت لجنة أطباء السودان المركزية إن” دانة طائشة” سقطت في مستشفى بشائر الجامعي جنوب الخرطوم، و أوضحت اللجنة أن الواقعة خلقت حالة من الرعب والفزع للمرضى والكوادر الطبية العاملة، مؤكدة أن للمستشفيات حرمتها و قدسيتها المنصوص عليها في الأعراف والقيم الإنسانية.

وناشدت اللجنة كل القوات بضرورة وضع السلاح جانبا واللجوء للحلول السلمية وتجنب البلاد خطر الانقسام والدمار.

وقد أعلن قائد قوات الدعم السريع الفريق أول حمد حمدان(حميدتي) ، عن موافقته على هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة لضمان مرور آمن للمدنيين وإجلاء الجرحى، بينما قال الجيش السوداني إن إعلان الدعم السريع الدخول في هدنة يهدف للتغطية على هزيمته الساحقة، وأكد أن الجيش لا علم له بأي تنصيب بين الوسطاء لدخوله في هدنة ولم يصدر اتفاق نهائي على الهدنة ولا على الممرات الآمنة.

وكان الجانبان قد اتفقا يومي الأحد و الأثنين الماضيين على وقف إطلاق النار لفترة ولكنهما لم يلتزمان بهذا الاتفاق بشكل كامل، وعادت الاشتباكات مجددا في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، وظلت مستمرة لليوم الرابع على التوالي بعد أن شهدت هدوءا نسبيا استمر لساعات قليلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى