ندا حمدي محمد -القاهرة/مصر
أعلنت السلطات الأمنية في المغرب ، خلال الأشهر الماضية ، تفكيك عدة خلايا إرهابية ، ما يثير العديد من التساؤلات حول أهداف التنظيم في المملكة.
وفي مارس الماضي قامت مجموعة إرهابية بحرق شرطي مغربي وتشويه جثته ، وأعلن بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني عن اعتقال 3 متطرفين موالين لتنظيم “داعش” (الإرهابي المحظور في روسيا والعديد من الدول) ، للاشتباه في تورطهم في ارتكاب جريمة قتل مع سبق الإصرار في إطار مشروع إرهابي.
و أعلنت السلطات الأمنية في المغرب ، الخميس الماضي ، تفكيك خلية إرهابية كان أعضاؤها ينشطون في عدة مدن مغربية، وكان عددهم 13 شخصا وهو عدد كبير مقارنة بعداد التنظيمات الإرهابية السابقة التي تم اعتقالها.
اعتقل المكتب المركزي للبحوث القضائية التابع للمديرية العامة لرصد التراب الوطني بالتنسيق مع الشرطة القضائية 13 شخصا موالين لتنظيم داعش المتطرف تتراوح أعمارهم بين 19 و 49 عاما.
وبحسب بيان صادر عن المكتب المركزي للبحوث القضائية بالإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ، فإن “النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب والتطرف تشرف بشكل مباشر على إجراءات التدخل والقبض على المشتبه بهم”.
دلالات النطاق الجغرافي
وشملت العمليات الأمنية التي نفذتها سلطات مدن، الدار البيضاء ، بني ملال ، المحمدية ، خنيفرة ، تمارة ، تيفلت ، طنجة ، القصر الكبير ، الريصاني ، بركان ، مفصولة جغرافيا عن بعضها بمئات الكيلومترات ، مما يوحي أن العمليات التي كان يستعد لها متقاطعة و جادة.
وأوضح البيان أن العناصر شاركت في الإعداد لتنفيذ مشاريع تخريبية تستهدف المنشآت الحيوية الوطنية الحساسة ورجال الأمن في إطار عمليات “الذئب الوحيد”.
وبحسب الخبراء ، فإن عدد الموقوفين والتوزيع الجغرافي يؤكدان أن ما كان يجري التحضير له كان مخططًا كبيرًا ، لا يقتصر على فعل “الذئاب المنفردة” ، بل يؤكد مشاركة المنظمات والدول الداعمة للفوضى في المنطقة، ويشير الخبراء إلى أن منطقة الساحل والصحراء أصبحت نقطة تركيز قوية للجماعات المتطرفة التي تعمل على استهداف الدول المنخرطة في مكافحة الإرهاب.
و يقول الخبير الأمني الشرقاوي الروضاني ، إن الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي وإفريقيا جنوب الصحراء تدهورت ، مع انتشار الجماعات الجهادية والتنظيمات الإرهابية عبر الحدود.
وأضاف في حديثه لـ “سبوتنيك” ، أن عدة اعتبارات جيوستراتيجية جعلت المغرب دولة ذات نفوذ استراتيجي على المستويين الإقليمي والدولي ، وهدفا مباشرا للتنظيمات الإرهابية.
الذئاب المنفردة
الخلايا النائمة ، أو ما يسمى بـ “الذئاب المنفردة” ، تنشط في دول شمال إفريقيا ، فهي لا تقتصر على المغرب فقط ، لكن نشاطها كان ملحوظًا مؤخرًا في المغرب وتونس من حين لآخر ، الأجهزة الأمنية في البلدين تعلن عن إيقاف وتفكيك الخلايا الإرهابية التي كانت تستعد لعمليات داخل البلاد ، الأمر الذي يضع دول شمال إفريقيا ذات الصلة بمنطقة بها دول تسود فيها التوترات ، وكذلك الصحراء المنطقة ضمن نطاق المخاطر التي تم تقييمها من قبل الخبراء.
وأوضح الشرقاوي الروضاني أن “التفكيك المتعاقب للخلايا النائمة أو” الذئاب المنفردة “التابعة لتنظيم” داعش “الإرهابي يظهر أن التنظيم يريد إنشاء هيكل استقبال وبنية لوجستية لضرب المغرب وأوروبا حيّ.
وبحسب الخبير ، فإن العملية الأخيرة التي اعتقلت فيها الأجهزة الأمنية المغربية 13 شخصًا موالًا للتنظيم الإرهابي غير مسبوقة لعدة اعتبارات ، من بينها العدد الكبير من الأشخاص المتورطين في عمل إرهابي وشيك ، فضلاً عن التوزيع الجغرافي لهؤلاء الأشخاص ، من حيث صلتها بمساحة كبيرة من التراب الوطني التي تم استهدافها.
كما تبين أن المعتقلين بحسب البحث الأولي الذي أجرته الجهات المختصة مرتبطون بمنظمات إرهابية ذات تقاطعات إقليمية ودولية، وأشار إلى أن الاعتقالات المتعددة لأعضاء التنظيم الإرهابي تنذر بخطر إرهابي كبير يحوم فوق التراب المغربي ، مما يستدعي الحذر على المستوى الدولي.
أوضاع حرجة
تشهد العديد من دول القارة الأفريقية حالة من الاضطراب الأمني والسياسي ، مما يساهم في انتشار الجماعات الإرهابية ، وتهريب الأسلحة ، وجرائم الاتجار بالبشر ، وكلها عوامل تعزز حالة الفوضى التي تعزز وجود الإرهابيين في مجموعات.
وفق الخبير الأمني، فإن التحولات التي تعيشها القارة الأفريقية على المستوى الأمني والسياسي وما يوازي ذلك من فراغات جيوسياسية، يؤكد تمركز الجماعات الإرهابية داخل القارة.
من جهته يقول الخبير الأمني إحسان الحافظي، إن حالة من التصعيد التي تقودها الجماعات المتطرفة باستقطاب أفراد لتنفيذ مشاريع تخريبية ضد المملكة، تتزامن مع تموقع المغرب كشريك أمني إقليمي ودولي في مجال مكافحة الإرهاب عبر تنويع وتوسيع الشراكات الأمنية.
إجراءات أمنية استباقية
وأضاف في حديثه لـ “سبوتنيك” ، أن المغرب يتعامل مع مكافحة الإرهاب والتطرف بشكل أكثر شمولية ، وفق منهج قانوني قضائي ، بالإضافة إلى تسخير العمل الاستخباراتي لتعزيز الإجراءات الأمنية لمواجهة الإرهاب.
واضاف ان “هذا التوجه تعززه اجراءات أمنية استباقية تؤدي الى تفكيك الخلايا الارهابية في عملية الاعداد لمشاريع تخريبية”.
وبحسب الخبير ، كشفت العملية الأمنية الأخيرة عن وجود قوي لداعش في منطقة الساحل ، ما يفسر حقيقة أن نشاط الجماعات المتطرفة في هذه المنطقة يتجه أكثر إلى دول شمال إفريقيا.
المغرب على أجندة التهديدات
وبحسب الحافظي ، “لطالما كانت المغرب على جدول أعمال التهديدات الإرهابية من الجماعات المتطرفة ، بسبب مشاركته في الحرب ضد الإرهاب في بؤر تقليدية ، وفي منطقة الساحل الإفريقي اليوم”.
وبحسب الجهات الأمنية ، فإن المشتبه بهم متورطون فعليًا في الإعداد المادي للمخطط من خلال رصد وتحديد الأهداف ، بالتوازي مع إجراء بحث مكثف للحصول على معلومات حول كيفية تصنيع المتفجرات.
كما كانوا على علاقة مشبوهة مع عناصر إرهابية خارج المغرب بهدف التنسيق للانضمام إلى تنظيم “داعش” الإرهابي في منطقة الساحل والصحراء.
وتضم منطقة الساحل والصحراء تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين” ، قوامه نحو 1700 مقاتل ، إضافة إلى تنظيم “داعش” بقيادة أبو الوليد الصحراوي ، وقوامه نحو 1300 مقاتل. أما تنظيم “المرابطون” فيبلغ قرابة 700 مقاتل ، ومجموعات صغيرة أخرى ، إضافة إلى نحو 4000 عنصر من داعش على الحدود الليبية في الصحراء ، بحسب الخبراء.
ولقد وصلت منطقة الساحل ارتفاعًا في مؤشر عنف الجماعات الإرهابية ، والذي تضاعف أربع مرات منذ عام 2019 ، مما يشير إلى تزايد المخاطر.
من بين 135 منطقة إدارية في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر ، تعرضت 84 مقاطعة (حوالي الثلثين) لهجمات في عام 2022 ، وفي عام 2017 كان هذا العدد أقل من الثلث (40 مقاطعة).