ندا حمدي محمد -القاهرة/مصر
تشهد مخيمات تندوف اضطرابا اجتماعيا جديدا بسبب أزمة مياه الشرب في الصيف، حيث بدأت بوادر الاحتجاج تظهر في أوساط العائلات الصحراوية بسبب عدم وجود خزانات مياه مثبتة لهذا الغرض.
وفي هذا الصدد، أشارت مصادر محلية إلى أن التوترات الاجتماعية بلغت ذروتها في الأيام الماضية نتيجة أزمة المياه، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل مفرط، مما سيؤدي إلى احتجاج السكان مرة أخرى على غرار مواسم الصيف السابقة.
وتفتقر تندوف إلى مياه صالحة للشرب بسبب عدم وجود مساكن حضرية متطورة، حيث لا تزال العائلات تعيش في المخيمات، وبالتالي يتم تزويد السكان بالمياه من خلال خزانات متنقلة.
وفي هذا السياق، قال حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، إن “مخيمات تندوف تعيش منذ سنوات على احتجاجات قبلية وشبابية توسعت دائرتها وأصبحت تقض مضجع إبراهيم غالي”.
وأضاف بلوان، أن “الاحتجاجات تتجدد بشكل دوري، وهي على وشك أن تصبح انتفاضة حاشدة ضد القيادة الانفصالية و راعيتها الجزائر، رغم القمع الوحشي الذي تمارسه الميليشيات المسلحة و الدرك الجزائري ضد المحتجين وعائلاتهم”.
وأوضح أن “أسباب اشتداد حدة الاحتجاجات داخل مخيمات تندوف، لا يزال الفساد المستشري في القيادة الموالية للجزائر هو السبب المباشر لتجديد الاحتجاجات، خاصة بعد تقارير الأممية تندد بسرقة المساعدات الإنسانية المساعدة، بتواطؤ مفتوح بين قيادة الجبهة الإرهابية والجزائر “.
وأضاف: “هذا بالإضافة إلى حالة الفشل والارتباك والعشوائية التي دخلت فيها الجبهة الانفصالية في ظل غياب أي أفق سياسي أو عسكري لقادتها مقابل الانتصارات المتتالية التي حققتها المغرب، وهو ما يفسر حالة البؤس التي تعيشها المخيمات “.
وأشار إلى أن “ذلك يشجع الشباب والقبائل على الاحتجاج الذي امتد شرارته إلى أكبر قبائل الصحراء وشبابهم الثوري في مواجهة ما يسمى إبراهيم غالي الذي استخدم العصابات المنظمة والجرائم الفظيعة لإسكات أصوات المعارضين، خاصة خلال المؤتمر الاخير للجبهة الذي كاد يفجرها من الداخل “.
وقال عبد الفتاح الفتحي مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، إن العديد من الأزمات الاجتماعية والإنسانية تفاقمت منذ بداية هذا العقد، حيث نظمت مظاهرات واحتجاجات عنيفة في الرابوني، أخمدها ميليشيا البوليساريو بالتعاون مع الجيش الجزائري “.
وأضاف الفتحي أن “هذه التحركات أدت إلى استمرار التوتر الشعبي الذي استمرت الجبهة في تجاوزه بالحصار تارة بقطع المياه الصالحة للشرب وتارة أخرى باعتقالات بدعوى التهريب أو الاتجار بالمخدرات “.
وأضاف: “انخفضت المعونة الغذائية نتيجة الاتجار بها وتراجع المانحين بعد أزمة” كوفيد -19 “، وبالتالي بدأت الجبهة في شراء الولاءات القبلية معها، مما أدى إلى تفاقم التوتر الذي يخرج من الزمن إلى الوقت الذي يرد فيه المحتجون على سلوك جبهة البوليساريو عندما تستخدم مياه الشرب الآمنة كوسيلة لابتزاز المعارضين داخل المعسكرات “.
واختتم الخبير بيانه بالقول: “إذا تم توظيف أزمة العطش لأسباب أمنية، فإنها تكشف عن فشل في إدارة التنظيم الانفصالي لقضية ضد وجود معتقلين، خاصة وأن خطورتها تصاعدت في الآونة الأخيرة في ظل التغيرات المناخية وسنوات متتالية من الجفاف مما يجعل الجبهة والجزائر يواجهان مسؤوليتهما الإنسانية”.