بعد زلزال الحوز الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص وألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية والمنازل في المناطق المتضررة، أطلقت الهيئة الوطنية للمهندسين في المغرب برنامجا لاستقبال الأفكار الهندسية لإعادة إعمار الدواوير المتضررة.
ويسعى البرنامج إلى إيجاد تصورات تجيب بشكل عملي عن الطابع الاستعجالي لعملية إعادة البناء بالمناطق المتضررة من الزلزال، في انسجام مع تراث المنطقة، واحترام لخصائصها المعمارية المتميزة، مع الانضباط لمعايير البناء المضاد للزلازل.
ودعت الهيئة ذاتها إلى أخذ عدد من المعطيات بعين الاعتبار عند تصميم البنايات التي ستُعاد تهيئتها، من بينها: الخصوصيات العمرانية للموقع والجهة، والطابع المعماري للمنطقة، والمكونات النموذجية للمعيش بالمنطقة، والتجهيزات اللازمة للساكنة؛ مع الالتزام خلال تقديم المقترحات بحماية المناخ، وتطوير الطاقات المتجددة والفاعلية الطاقية، وضرورة احترام طرقات الإخلاء والحماية المدنية.
كما نادى التوجيه بإعطاء الأولوية في البناء للمواد المحلية، من تراب وحجارة وخشب، والتركيز على البناء الصديق للبيئة (الإيكولوجي)، واقتراح حلول للبناء في صالح التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المتضررة.
وقسمت “مسابقة الأفكار المعمارية” أنواع البنايات التي يُشتغل على تصميمها إلى بنايات على أرض صلبة، وبنايات على أرض مائلة بنسبة 10 في المائة، وأرض مائلة بنسبة 20 في المائة، وهي أنواع ينبغي أن تكون عملية، جماليا، وتنتمي إلى محيطها، وتحترف الخصائص المعمارية للمنطقة.
وذكرت الهيئة الوطنية للمهندسين أن البناء سيتم عبر مجموعة من المراحل، ستنطلق أولاها حالا، بناء على الإعانات بقيمة 140 ألف درهم. ومن الواجب أن يتكون كل مسكن، ضرورة، من مكان للاستقبال، أي بيت للضيوف أو غرفة جماعية، وغرفتين للراحة، ومطبخ، ومخزن، وحمام، وسياج، وفناء.
كما أخذ التوجيه بعين الاعتبار نسبة البنايات الأخرى في كل دوار، التي ينبغي أن تكون مكانا للعمل، مثل ورشات للنَّسج، والطرز، وغيرها؛ مع الانفتاح على مقترحات أشكال أخرى لعيش الأسرة في شكل من أشكال البناء غير المذكورة، في احترام للضوابط المنصوص عليها.
وذكرت توجيهات الهيئة الوطنية للمهندسين أن أهمية كبيرة ستولى إلى المقترحات التي تستعمل المواد المحلية، أو المواد التي تستجيب للخصوصيات المحلية، وقواعد الأمن الزلزالي، والأمان، والاستدامة.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد اجتماع العمل الخاص بتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين من “زلزال الحوز”، أكّد بلاغ الديوان الملكي على ضرورة أن تتم عملية إعادة الإعمار على أساس دفتر للتحملات، بـ”إشراف تقني وهندسي في انسجام مع تراث المنطقة، يحترم الخصائص المعمارية المتفردة”.
كما يشار إلى أن سؤال البناء المنجز بالطين ومدى مقاومته للزلازل ليس جديدا، بل سبق أن فصّل فيه قرار رسمي؛ إذ صدر بالجريدة الرسمية مرسوم في 28 ماي 2013، باقتراح من وزارة السكنى والتعمير، يحدد ضوابط هذا البناء، للمحافظة على الخصوصية العمرانية المحلية، مع جعلها حافظة للأرواح والممتلكات. ويضم المرسوم ضابطا لـ”البناء المضاد للزلازل المطبق على المباني المنجزة بالطين”، بعنوان “RPACTerre 2011″، والضابط “RPCTerre 2011” المخُصّص لـ”المهندسين المعماريين، والمهندسين والتقنيين المكلفين بتصميم وحساب أبعاد البنايات المنجزة بالطين”، ويَهُمُّ “الفعالية المطلوبة بالنسبة لهياكل مقاومة البنايات المنجزة بالطين تجاه الزلازل النظامية”.