أزمة اقتصادية تضرب الدول المصنعة.. والإقتصاديون يحذروا “الأسوأ لم ياتي بعد”
زياد ثابت-اليمن
في ظل استمرار الانهيار الكبير الحادث حاليا في سوق السندات العالمي، إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا لموقع ” سكاي نيوز عربية”استمرار هذا الانهيار بشكل أكبر وأسوأ تزامنا مع نهج البنوك المركزية في العالم في رفع الفائدة لمحاولة كبح جماح التضخم.
سندات المملكة المتحدة لأجل خمس سنوات تراجعن بأكبر قدر منذ عام 1992، بعد أن طرحت الحكومة خطة ضخمة لخفض الضرائب.
سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين شهدت أطول سلسلة خسائر متتالية منذ 1976 على الأقل، وسط تراجعها لمدة 13 يوماً على التوالي.
في الوقت الحالي، يتم تداول سندات الخزانة الحساسة لمعدلات الفائدة عند عوائد أعلى من 4 بالمئة.
السندات الأميركية ذات العوائد طويلة الأمد، مثل أجل 10 سنوات يتم تداولها عند عوائد 3.82 بالمئة، وهو أعلى مستوى في 12 عامًا.
وقال المحلل المالي في جريدة فايننشال تايمز ببريطانيا، أنور القاسم، لموقع “سكاي نيوز عربية” إن سوق السندات الدولية هوى بنحو 20 بالمئة من قيمته وهو رقم كبير جدا وغير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية ومنذ الهزات الاقتصادية التي شهدها العالم، وهذا سببه نسبة التضخم العالية التي تضرب اقتصادات الدول السبع الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي بلغ التضخم فيها أعلى نسبة منذ أكثر من ٤٠ عاما”.
وأضاف أن “الأمر لم يتوقف على الولايات المتحدة فقط، بل امتد إلى المملكة المتحدة وألمانيا واليابان وكل الدول الصناعية الكبرى، ولذلك بدأت الولايات المتحدة واقتدت بها كل هذه الدول تباعا في رفع قيمة الفائدة”.
وأشار إلى أن “جميع هذه الدول تريد أن ترى انخفاضا في الأسعار وخفضا للتضخم، لكن هذا يحتاج وقتا طويلا، فالأمر يحتاج إلى سنوات وسيحدث بشكل تدريجي، فنحن نرى أن الهدف الذي تسعى إليه هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا هو معدل 2 بالمئة للتضخم”.
وذكر إن التضخم حاليا في بريطانيا هو 13 بالمئة وقد يصل إلى 19 بالمئة بنهاية هذا العام، وفي الولايات المتحدة كذلك فالتضخم كبير جدا، والمسعى الذي تقوم به الآن هذه الحكومات هو رفع الفائدة، ففي بريطانيا مثلا تم رفع الفائدة 7 مرات فأصبحت الأعلى منذ 14 عاما، وفي الولايات المتحدة تتوالى قرارات رفع الفائدة ومتوقع أن تصل إلى ٤ بالمئة، وكذلك فعلت معظم الدول وستفعل ذلك لفترة طويلة حتى يتم كبح جماح التضخم.
وتابع القول إن هذا سيعيد تشكيل سوق السندات الدولية وسنرى انخفاضا كبيرا فيها اقتداء بما يجري في الولايات المتحدة، وهذا هو انعكاس طبيعي للانخفاض الحاد الذي تشهده بعض العملات الرئيسية في العالم وعلى رأسها اليورو، وأيضا الجنيه الإسترليني الذي يصارع الآن في قاع لم يسبق له مثيل من قبل.
مضيفًا أن إعادة تشكيل الأسواق الدولية للسندات يحتاج وقتا كي يأخذ شكلا جديدا، مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، والسيناريو حاليا متشابه مع ما حدث آنذاك، ولا ننسى أن أسواق السندات كذلك تأثرت بالإغلاقات الطويلة التي صاحبت وباء كورونا، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية التي تضغط بشدة، مع الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة والمواد الأولية وراتفاع أسعار القمح، وكل ذلك يؤثر على نسبة النمو في العالم”.
مشيرًا إلى أن أكثر من مؤسسة دولية متخصصة أكدت أن النمو الدولي في مختلف المجالات سيكون منخفضا جدا، وهذه صورة تشاؤمية ولكن هذا هو الواقع الذي يقول لنا الآن وبكل وضوح وداعا لعصر الفائدة المنخفضة ونحن في عصر الفائدة المرتفعة، وهذا يؤدي لارتفاع تكلفة ديون الدول نتيجة الاقتراض، وقد يؤدي لمشكلة في الاقتراض بين البنوك الدولية.
وفي السياق ذاته، صرح المحلل بشركة مزيج للاستشارات الاقتصادية في السعودية، سعد الغباري، لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “سوق السندات انهارت بشكل كبير لأنه عند رفع الفائدة فإنها ترتفع على السندات المصدرة حديثا، بينما السندات القديمة تكون بفائدة أقل وبالتالي لابد من خفض أسعارها ليكون العائد عليها يوازي العائد على السندات الحديثة”.
ويضيف أن “سبب قيام الفيدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة تباعا هذا العام لتصل إلى 3.25 بالمئة حاليا ومتوقع أن يستمر في رفع الفائدة لأن يصمم على الوصول بمعدل التضخم إلى حدود 2 بالمئة، فهذا معناه أن سوق السندات متوقع أن يشهد انخفاضا أكبر في الفترة المقبلة”.
مشددةً في الوقت ذاته إن “انهيار سوق السندات سيؤدي إلى بالتبعية إلى تراجع سوق الأسهم، ولن يستقر سوق السندات ولا سوق الأسهم إلى مع بدء رصد تباطؤ في سرعة التضخم وهو ما يسعى إليه الفيدرالي الأميركي وتسير على نهجه معظم البنوك المركزية في العالم”.