خلود رشاد-القاهرة/مصر
يكثر الاهتمام بظاهرة العنف في الملاعب، ليخرج النقاش حولها والبحث عن حلول ناجعة للتصدي لها من دائرة المقاربة الأمنية الصرفة لينتقل إلى الجامعة، حيث جرى الإعلان عن تأسيس مرصد وطني جامعي لدراسة العنف في الملاعب هو الأول من نوعه، ستحتضنه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
حيث جاء الإعلان عن تأسيس المرصد خلال يوم دراسي نظمته الكلية نفسها، بشراكة مع المستشفى الجامعي الرازي بسلا، حول “العنف والتظاهرات الرياضية.. الجامعة و المجتمع، رؤى متقاطعة”، بحضور ممثلين عن رئاسة النيابة العامة و المجلس الأعلى للسلطة القضائية و المديرية العامة للأمن الوطني و وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة.
و اوضح جمال الدين هاني، عميد كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط، أن إنشاء مرصد لدراسة العنف في الفضاءات الرياضية جاء من منطلق أنه “لا يمكن تفسير ما يحدث بالمنطق الرياضي فقط، وهذا يتطلب مزيدا من التفصيل و البحث العلمي”، مبرزا أن “المرصد سيسهر على تجميع المعلومات وتحيينها”.
و قال هاني بأن المرصد سيكون “مفتوحا أمام الباحثين و الإعلاميين و المسؤولين الرياضيين و مسؤولي القطاعات المعنية بالشأن الرياضي تنظيميا و أمنيا و تدبيريا و اقتصاديا، لأجل تجميع المعلومات و تحيينها، أملا في بناء سياسة عمومية و تدخلات مندمجة تستلهم روح تقرير النموذج التنموي الجديد، و تعيد الاعتبار إلى الفرجة الرياضية و تحمي فرصة الديمقراطية من العنف و العنف المضاد”.
و أضاف قائلا أن العنف، الذي بات شبه ملازم للتظاهرات الرياضية وما رافق مهرجان “البولفار” في مدينة الدار البيضاء، “يحتم توسيع النقاش حول مكامن الخلل، ويُوجب علينا أن نأخذ وقتا مستقطعا (temps mort)، من أجل التشاور، والعمل بهدوء وروية بغية إيجاد حلول ناجعة لهذه المعضلة”.
وفيما حضرت كل القطاعات المعنية بإشكالية العنف في الملاعب الرياضية، سواء الحكومية أو الأمنية، غاب عن اليوم الدراسي ممثلو “الألتراس”، على الرغم من أن المنظمين حرصوا على حضورهم ووجهوا إليهم دعوات؛ غير أنهم لم يحضروا، ما عزز الشكوك حول تحمل “الألتراس” جزءا من المسؤولية عما يجري من عنف داخل الملاعب.
هذا النقاش أكده ممثل المديرية العامة للأمن الوطني؛ فقد أشار إلى مجموعات “الألتراس”، التي برزت سنة 2005، هي نواة الشغب الرياضي، مبرزا أن من تجليات بروز “الألتراس” التمرّد على السلطات العمومية، وإنتاج العنف المادي والمعنوي، وعلّق على ذلك عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط بالقول: “الآن، فهمت لماذا لم يحضروا، على الرغم من أننا بذلنا ما في وسعنا من جهد ليشاركوا معنا في هذا اليوم الدراسي”.
وأجمع المشاركون في اليوم الدراسي على أن المقاربة الزجرية والقانونية وحدها لا تكفي للتصدي للعنف في التظاهرات الرياضية، وهو ما أكده أيضا ممثل النيابة العامة، بقوله: “رغم كل الأحكام التي صدرت، لم تتم محاصرة الظاهرة”، مضيفا أن “الاعتقال والمتابعة لا تقينا من هذه الآفة، بل نساهم في خلق مجرمين جدد”.
حيث انتقد المتحدث ذاته عدم تفعيل عدد من بنود القانون 09.09، المتعلق بالعنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية؛ ومنها البند المتعلق بإحداث لجان محلية لمكافحة العنف في الملاعب، رغم دورها الأساسي، مضيفا: “هذه اللجان لم تر النور بعد، وربما كان ممكنا أن يجنّبنا إحداثها عددا من وقائع العنف”.
بينما حمل ممثل النيابة العامة مسؤولية العنف في التظاهرات الرياضية كذلك إلى المواطنين والمؤثرين الذين يسمحون بولوج القاصرين إلى الملاعب، كما انتقد غياب الحكامة الرياضية عن مجموعة من الأندية؛ “ما يؤدي إلى التطاحن بين محبي الفرق حتى بدون وجود مقابلة ويتحول إلى إجرام منظم”، على حد تعبيره.